هذا الموقع يشرف عليه مجموعة من .طلبة العلم محبي الدكتور خالد حنفي.
إرسل فتوى
للحصول على فتوى، يرجى ملء هذا النموذج.
للحصول على فتوى، يرجى ملء هذا النموذج.
خطبة الجمعة بمسجد المهاجرين. بون. ألمانيا 6 ديسمبر 2024م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد
فإن أمتنا تمر بأحداث عظام وتتهيأ لولادة جديدة شريطة الاتحاد ونبذ الفرقة، والعمل وفق منهجية واضحة، وهذه الأحداث يختلط فيها الفرح بالحزن، والاستبشار بالقلق، والأمل بالألم فما بين الفرح والاستبشار والأمل بتحرير المستضعفين في سوريا والحزن والألم والخوف على أهلنا وإخواننا في غزة والسودان يعيش المسلمون والأحرار هذه الأيام، ومع تداخل هذه المشاعر تتضاعف الحاجة إلى المسارعة إلى طرق أبواب الرحمة والتضرع إلى المولى الجليل سبحانه وتعالى أن يتم النعمة وأن يرفع الظلم والغمة عن الأمة، وأن يعجل بإيقاف الحرب والقتل في غزة وكل مكان، وأن يكون شعارنا في هذا الوقت هو قول موسى عليه السلام لربه: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ [طه: 84]، فقد واعد الله تبارك وتعالى نبيه وكليمه (موسى) عليه السلام، أن يأتيه لينزل عليه التوراة ثلاثين ليلة، فأتمها بعشر، فلما تم الميقات، بادر موسى عليه السلام إلى الحضور للموعد شوقا لربه، وحرصا على موعوده، فقال الله له: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى} أي: ما الذي قدمك عليهم؟ ولم لم تصبر حتى تقدم أنت وهم؟ قال: {هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي} أي: قريبا مني، وسيلحقون بي لكني ،(عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) فالحب والشوق والمسارعة في رضاك يا رب جعلني اسبقهم إليك تعبيرا عن محبتي وأملي في أن ترضى عني ولأكون قدوة صالحة لهم في المسارعة إلى رضاك وامتثال أمرك، وما فعله موسى هو ما يجب أن يكون عليه كل مسلم في المسارعة إلى الخيرات وعدم تأخيرها فإن حديث القرآن الكريم عن فعل الخيرات يأتي دائما بصيغ التسابق والمسارعة وعدم التأجيل أو التسويف؛ قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [آل عمران: 133] ، وقال: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148] ، وقال: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الحديد: 21 والسابقون في الدنيا إلى الخيرات يسبقون في الآخرة إلى الجنات؛ قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [الواقعة: 10-12]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:” التُّؤَدَةُ فِى كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ فِى عَمَلِ الآخِرَةِ “
ومن صور المسارعة إلى الخيرات التي تعتبر واجب الوقت ما يلي:
1- شكر النعمة وذكر المنعم جل جلاله:
علينا أن نشكر الله تعالى أن أقر أعيننا برؤية صور لتحرير المستضعفين وهلاك الظالمين في سوريا قال تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 45]، فحمد الله يكون عند رؤية نصر المستضعفين وهلاك الظالمين، وشكر المنعم والتواضع لله يتمم الفتح والخير للمسلمين، علينا أن نكثر من ذكر الله فبذكره تطمئن القلوب وتوقن في نصره وتأييده وتثبيته للمؤمنين، وأن نرد الفضل لله ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: 53]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، وأن لا نفرق بين قطر وقطر فنحن أمة واحدة، لا يشغلنا الفرح بسوريا عن جراح وألم غزة وعن محنة أهلنا في السودان أو في أي بلد آخر.
2- إغاثة الملهوفين والمستضعفين: نحن بحاجة إلى المسارعة في إغاثة الملهوفين والمستضعفين وما أكثرهم في غزة وفلسطين، إغاثة مستدامة يشارك فيها الصغير والكبير والغني والفقير؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته”، وقال صلى الله عليه وسلم: ” ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن يُنتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته” رواه أحمد، وأبو داود بسند صحيح.
3- المسارعة إلى القرآن تلاوة وتدبراً وعملاً:
ونحن على مقربة من شهر رمضان المبارك شهر القرآن علينا أن لا ننتظر قدوم الشهر لنصل قلوبنا بكتاب الله وأن نبدأ من الآن في العودة إلى محاريبنا ومصاحفنا ونجمع أولادنا على كتاب الله ففيه الشفاء والرحمة للمؤمنين والجواب على كل أسئلتنا قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]
4- تطهير القلب وتزكية النفس:
ففي عصرنا تعددت أسباب قسوة القلوب وعلاها الران من كثرة الغفلة والذنوب، والمسارعة إلى الخيرات مما يرقق القلب ويزكي النفس؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا شكا إلى النبيِّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – قَسوةَ قلبِه ؛ فقال : امسحْ رأسَ اليتيمِ، وأَطْعِمِ المسكينَ” أخرجه أحمد في مسنده بسند صحيح.
اللهم بردا وسلاما على أهلنا وإخواننا في غزة، أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، اللهم تمم النصر والفرح لأهلنا في سوريا، اجمع كلمتهم ووحد صفهم وكن لهم وليا ونصيرا وسندا ومعينا، اللهم إنا نعوذ بك من السلب بعد العطاء، والحمد لله رب العالمين.