قصة توبة حاج تركي لم يدفع أجرة المواصلات عشرين سنة 
موقف آخر حدثني به أحد إخواننا الأئمة الأتراك في ألمانيا: أن مسناً تركياً أراد أن يذهب لأداء فريضة الحج، فأراد أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة صادقة.
ففكر بفطرته في التفريق بين حقوق الله وحقوق العباد.
بعض الناس يخلط ويظن أن حقوق العباد تُغتفر بمجرد التوبة الشفهية اللسانية، لكنه أدرك أن في مظلمة لشركة المواصلات الألمانية لا بد أن يتخلص منها لتقبل توبته وتصح حجته.
فذهب إلى شركة المواصلات الألمانية. عندنا النظام في ألمانيا أنك تركب الحافلة ومعك التذكرة اليومية أو الشهرية.
يمكن ألا يخرج كنترول تفتيش. يمكن أن يخرج مرة. لكن إذا خرج مرة ووجدك ليست معك البطاقة يغرمك 60 يورو.
فهو كان يركب بدون ما يقطع هذه التذاكر. والناس لها خبرة في هذا الموضوع يقول لك: “الكنترول يخرج في أول الشهر وفي آخره”.
ينبّه بعضهم هذا، وبعض الناس يتذاكى بهذا الموضوع.
أحد الإخوة من مصر جاء إلى ألمانيا، بقي فيها شهراً، وعندما عاد إلى مصر بهذا النظام قالوا له: “ما أفضل شيء عجبك في ألمانيا؟” قال لهم: “إن ركوب المواصلات ببلاش”.
هو الحقيقة ركوب المواصلات مش ببلاش، هو كان لا يدفع. لكن ركوب المواصلات مدفوع.
ولذلك أنا من الفتاوى التي أذكرها وبعض الناس يستغرب لها: من ركب الحافلة العامة التابعة للدولة أو لشركة المواصلات ولم يدفع، خلينا نحسّن الظن به، لم يدفع لأنه تأخر أو كان مستعجلاً أو إلى آخره، ماذا يفعل؟ يقول لك: “أتبرع بهذا المبلغ”. لا تتبرع بهذا المبلغ.
عليك أن تشتري بطاقة بنفس القيمة وتمزقها. لأن في خدمة قُدمت لك. ولو كل الناس عملوا هذا الكلام مع هذه الشركة أو مع الدولة، ما النتيجة؟
النتيجة الإضرار والإفلاس لهذه الشركة التي تقدم لك خدمة. وهل تقبل هذا الكلام أنت على نفسك لو كنت أنت صاحب هذه الشركة؟
المهم، الرجل بفطرته ذهب إلى المدير المسؤول للشركة وقال لهم: “أنا منذ 20 سنة أركب عندكم المواصلات الداخلية ولم أدفع.
قيّموا لي قيمة الركوب 20 سنة وسأدفعها”. ظنه يمزح.
“أنت جد؟ أنت تتكلم؟” قال: “نعم أنا متأكد”.
قالوا له: “كيف ستدفع؟” قال: “أدفع كاش الآن”.
فجلسوا مع بعضهم ودرسوا الأمر، قالوا: “هذا رجل صادق، وبصدقه نكافئه”.
فأصدروا قراراً بأن يعطوه بطاقة يركب بها مجاناً إلى أن يموت داخل المدينة.
قالوا له: “وقّع لنا هنا على أنك ستدفع كاش”. وهو يوقع على أنه متخيل أنه سيدفع ويجهّز المبلغ، فكان التوقيع على أن يأخذ بطاقة هدية مجانية.
جاء المسجد مثل مسجدكم المبارك وحكى للناس القصة، فالناس سُرت.
في واحد (فهلوِي) قاعد فاهم الموضوع جيدا. ثاني يوم راح على شركة المواصلات ، قال لهم: “أنا بقى لي 30 سنة أركب مجاناً عندكم، فعايز تحاسبوني”. قالوا له: “فعلاً 30 سنة؟”
قالوا له: “طب هتدفع كاش ولا مجاناً؟” قال لهم: “أدفع كاش”.
قالوا له: “إذن وقّع لنا هنا”. فوقّع على أنه يدفع، ودفع وغرم عن الـ30 سنة.
فنجا الأول بصدقه، وغرم الآخر بكذبه وتدليسه.
فانظر إلى صدق الرجل ماذا فعل؟ كيف أثر في الناس؟ كيف غير فكرتهم عن المسلمين؟
بغض النظر عن أنهم أسلموا أو لم يسلموا. نحن لم ينقل لنا من خلال هذا الإمام أنهم أسلموا أو لم يسلموا، لكن المهم هو كيف أثر هذا الموقف العملي في أولئك الناس.
من محاضرة: (المسلمون في الغرب بين القدوة والفتنة)