هذا الموقع يشرف عليه مجموعة من .طلبة العلم محبي الدكتور خالد حنفي.
إرسل فتوى
للحصول على فتوى، يرجى ملء هذا النموذج.
للحصول على فتوى، يرجى ملء هذا النموذج.
خطبة عيد الأضحى المبارك بمسجد المهاجرين. بون. ألمانيا 6 يونيو 2025م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وبعد فإن عيد الأضحى يرتبط بفريضة الحج وترتبط فريضة الحج ارتباطا وثيقا بسيدنا إبراهيم عليه السلام، فهو الذي أمره الله تبارك وتعالى أن يؤذن في الناس بالحج فقال: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ [الحج: 27]، وهو الذي رفع القواعد من البيت مع ولده إسماعيل، وهو الذي قام بتطهيرها للطائفين والعاكفين، وقد كان التركيز على سيدنا إبراهيم في الحج مما التفت إليه الدكتور مراد هوفمان رحمه الله؛ حين أكد على أن هذه الشعائر ترسخ التوحيد الخالص لله، إذ خلت من الذكر المباشر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مما يؤكد على عالمية الرسالة وصدق محمد في نبوته ورسالته. وعيد الأضحى هو بمثابة جائزة من الله تعالى لسيدنا إبراهيم لثباته ونجاحه في الابتلاء الكبير بذبح ولده في رؤيا منامية، ورؤيا الأنبياء وحي، ﴿قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: 102]؛ لهذا كان أكثر الأنبياء الذين أكد الله تعالى على اتباع ملته فقال: { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } النحل: 123، وضرورة الاقتداء به قال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ [الممتحنة: 4]، وكان من شعائر صلاتنا أن نسأل الله تعالى أن يصلي على نبينا محمد كما صلى وسلم وبارك على سيدنا إبراهيم، وكذا تكرر ذكر سيدنا إبراهيم في القرآن الكريم 69 مرة، والرسالة الكبرى من قصة سيدنا إبراهيم في عيد الأضحى هي أن نتعلم التضحية والفداء للدين والعقيدة والمبدأ، وخير من جسَّد التضحية والفداء دفاعاً عن الدين والأرض والعرض والمقدسات والمبدأ وعن كرامة العرب والمسلمين جميعا هم أهل غزة الأشاوس الكرام سادة الدنيا وأسيادها؛ حيث تتابعت الحرب عليهم شهرا تلو شهر وعيدا تلو عيد يواجهون حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في ثبات وصبر وصمود واحتساب أسطوري لا يكون إلا بمدد وتأييد من الله، ذكَّرونا بثباتهم وصبرهم بتضحيات جيل الصحابة الكرام فأي تضحية أعظم من تضحية الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار التي استقبلت جثامين أولادها التسعة وقد تفحمت لا تستبين صورهم ولا تملك وداعهم ثم يلحق بهم زوجها ولا يبقى لها من ذريتها سوى طفل واحد بين الحياة والموت، تستقبل الخبر برضا وثبات ويقين موقنة أنها ستلقاهم في الجنة، وأمثالها في غزة العشرات بل المئات من الرجال والنساء أهل الثبات والصمود. لقد خلَّد التاريخ ذكر الخنساء لأنها قدمت أربعة من أولادها شهداء في معركة القادسية واستقبلت خبر استشهادهم بالرضا والحمد، وها هي خنساء غزة آلاء النجار تسابقها وتسبقها بأولادها التسعة وزوجها في إشارة إلى خيرية هذه الأمة واستمرار عطائها إلى يوم القيامة، وأهل غزة رجالا ونساء، صغارا وكبارا قدَّموا ما عليهم ولكن الأمة خذلتهم، والعالم الغربي المتشدق بحقوق الإنسان والحيوان رسب بامتياز في اختبار أخوته الإنسانية!! كما رسب العالم الإسلامي في اختبار أخوته الإسلامية بامتياز كذلك!! إلا من رحم.
إذا كنا في يوم العيد نذبح الأضاحي قرباناً لله عز وجل، واستناناً بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، واقتداء بأبينا إبراهيم عليه السلام فعلينا أن نترجم قيمة ورسالة ومقصد الأضحية تضحية وفداء لديننا وأقصانا ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، ومن صور التضحية والفداء في عيد الأضحى ما يلي:
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
أيها المسلمون. في هذا اليوم المبارك أحيوا سنة نبيكم وضحّوا إما في مكان إقامتكم ألمانيا وهو الأصل تحقيقا للسنة وترسيخا للدين والهوية، على أن تلتزموا بقوانين الذبح وأن توسعوا على أنفسكم وجيرانكم من المسلمين أو غير المسلمين، أو بالتوكيل في بلدانكم الأصلية أو في بلد أشد حاجة والأولى من هذا كله الأضحية في غزة واحتساب الكلفة العالية عند الله، ولا أرى صحة التبرع بالمال لغزة يجزىء عن الأضحية؛ لأنها سنة تعبدية لا يقوم مقامها التبرع بالمال.
أيها المسلمون .. اجتمع لكم في يومكم عيدان عيد الأضحى وعيد الجمعة فمن شاء أجزأه العيد عن الجمعة؛ لحصول الموعظة والاجتماع في العيد، شريطة أن يصلي الظهر بدل الجمعة، ومن شاء صلى الجمعة معنا فإنا مجمعون إن شاء الله، والأمر واسع والاختلاف رحمة، ولا إنكار في المسائل الاجتهادية.
أيها المسلمون
صلوا أرحامكم في يوم العيد، وروحوا عن أنفسكم وأولادكم ترويحا منضبطا بضوابط الشرع واجعلوا غزة حاضرة في عيدكم، واعلموا أن عيدنا الأكبر يوم أن تتحرر مقدساتنا وتتوقف الحرب على أهلنا وإخواننا، وتجتمع كلمتنا، ونتخلص من غثائيتنا، وترتفع راية الحق والعدل والحرية في ربوع بلادنا.
اللهم اجعل هذا العيد عيدا مباركا على أمة الإسلام، وتقبل من الحجيج حجهم، وفرح قلوب أهل غزة بنصر مبين وغوث قريب يا أكرم الأكرمين، والحمد لله رب العالمين، وكل عام وأنتم بخير وأمتنا في عز ونصر وحرية وأمن وعدل.