هذا الموقع يشرف عليه مجموعة من .طلبة العلم محبي الدكتور خالد حنفي.
إرسل فتوى
للحصول على فتوى، يرجى ملء هذا النموذج.
للحصول على فتوى، يرجى ملء هذا النموذج.
خطبة الجمعة بمسجد المهاجرين. بون . ألمانيا 13 يونيو 2025م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد
فقد كان بعض العلماء والصالحين يتخذون آية من القرآن الكريم شعاراً لهم في حياتهم بحسب حالهم وزمانهم؛ لتذكيرهم إذا نسوا، وتنبيههم إذا غفلوا، وليبقى القرآن حياً حاضراً فاعلاً في حياتهم، فهذا عالِمُ عاش في حقبة زمنية كثر فيها الظلم والطغيان والاستبداد كتلك المرحلة التي نحياها الآن، وبرز فيها حملة المباخر وعلماء السلاطين الذين يبررون للطغاة أفعالهم ويضفون عليها حكمة وشرعية فيزدادون بها طغياناً وإفساداً في الأرض، لمـــَّا وجد هذا العالم هذا الحال خشي على نفسه فاتخذ هذه الآية شعاراً له: ﴿رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ [القصص: 17]، وتفكرتُ طويلاً ما هي الآية التي تصلح أن تكون شعاراً للمسلم الذي يعيش في الغرب فوجدتُ قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾ [الأعراف: 170] هي أنسب آية تصلح أن تكون شعاراً للمسلم في الغرب؛ وذلك لأسباب: الأول: أنها جمعت بين واجبين من أهم واجبات المسلم في الغرب وهما: استمساكه بالإسلام ودعوة غيره إليه؛ فمعنى يمسِّكون بالتشديد أي يتمسك هو ثم يتسبب في إمساك غيره بالكتاب، والتمسيك بالتشديد أيضا فيه معنى المدافعة والتدافع كأن هناك من يريد انتزاع الكتاب والهدى منك وأنت تدافعه وتتمسك به، والثاني: أنها دلت بإيجاز على سبيل الفلاح والاستقامة والثبات على الدين بأمرين لا ثالث لهما وهما: تلاوة القرآن، وإقامة الصلاة، فالآية تجيب على أهم إشكالية تؤرق المسلمين في الغرب وتجيب على السؤال الأبرز والأعظم في حياتهم وهو: كيف السبيل للحفاظ على الدين والتدين في الغرب والنجاة بأولادنا؟ والثالث: أنها وجَّهت إلى الجمع بين الصلاح والإصلاح فختمت الآية بقوله تعالى: لا نضيع أجر المصلحين، ولم يقل الصالحين؛ لأن الصالح صالح في نفسه ولا شأن له بغيره، وأما المصلح فأصلح نفسه وانتقل إلى إصلاح المجتمع والناس، وهذا ما يجب أن يكون عليه المسلم في الغرب من الجمع بين صلاحه واستقامته وبين دوره الإصلاحي والرسالي في المجتمع.
وقد تتبعت المواضع التي جُمع فيها بين تلاوة الكتاب وإقامة الصلاة في القرآن الكريم فوجدتها صريحة وغير صريحة قرابة العشرة كما في آية سورة الأعراف التي ذكرناها آنفا، وكما في قوله تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45] ، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ [فاطر: 29]، وقوله تعالى: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آل عمران: 113] ، وقوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78] ، وقوله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [المزمل: 20]، والمفاهيم والمعاني التي تتكرر في القرآن الكريم يجب مضاعفة التوقف عندها والتأمل في كيفية تنزيلها والتحقق بها عمليا خاصة وأنها محدودة معدودة ملخصة في أمرين اثنين لا ثالث لهما، وهو ما نوجز الحديث عنه في النقاط التالية:
اللهم حبب إلينا وإلى أولادنا الإيمان والصلاة والقرآن وزينها في قلوبنا وكره إلينا وإليهم الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا وإياهم من الراشدين، اللهم فرج الكرب واوقف الحرب عن أهلنا وإخواننا في غزة وكن لهم وليا ونصيرا وسندا ومعينا. والحمد لله رب العالمين.