هذا الموقع يشرف عليه مجموعة من .طلبة العلم محبي الدكتور خالد حنفي.
إرسل فتوى
للحصول على فتوى، يرجى ملء هذا النموذج.
للحصول على فتوى، يرجى ملء هذا النموذج.
القواعد الأصولية المؤثرة في فقه الحضور الاسلامي في الغرب
الله سبحانه وتعالى قال في نهاية سورة التوبة: “وما كان المؤمنون لينفروا كافةً، فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفةٌ ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون” [التوبة: 122].
هذه الآية، ما سر وضعها في نهاية سورة تتحدث عن غزوة، عن قتال وجهاد؟
ما علاقة الجهاد والقتال وأحداث وقائع سورة التوبة بأن مجموعة تذهب وتتفقه في الدين ثم ترجع تفقه قومها؟
العلاقة من وجوه:
الوجه الأول: هو أن طالب الفقه لا يقل أجرًا وثوابًا عن المجاهد في سبيل الله، وأنه على الرغم من الظروف الاستثنائية التي وقعت فيها هذه الغزوة، إلا أنها لا تغني أبدًا ولا تعوض عن خروج فئة أخرى تطلب الفقه والعلم في دين الله سبحانه وتعالى.
لماذا؟
لأن الجهاد لا يصح إلا بالفقه.
الجهاد العسكري، أو الجهاد بأي شكل من أشكال الجهاد بمفهومه العام الواسع، لا يصح إلا بالفقه، ولذلك لما بعض الشباب توجهوا إلى الجهاد دون فقه، وقعوا فيما حرم الله سبحانه وتعالى، وسفكوا دماء الأنفس المعصومة. لماذا؟ لأنه ما في فقه.
ولذلك بعض الناس يستغرب لما يقرأ في الآثار أنه يوم القيامة يُوزن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجّح مداد العلماء، يعني الحبر الذي كان العلماء يكتبون به الكتب والتصانيف.
فكيف يكون العالم القاعد في مكتبه أعظم أجرًا من الذي يبذل نفسه وروحه رخيصة في سبيل الله؟
لأن الأول لا يصح إلا بالثاني، ولا يكتمل على الإطلاق إلا بالثاني، وهو الفقه في دين الله سبحانه وتعالى، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يثبت لنا ولكم أجر الفقه في دين الله سبحانه وتعالى في هذه الأوقات التي نقضيها معًا بإذن الله.
كنت في مؤتمر مع المفكر والكاتب المغربي المعروف الأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي، فقال لي: إن المجال الزمني للرأي الفقهي يجب ألا يتعدى أو يتجاوز المائة سنة.
صلاحيته مائة سنة فقط، وبعد ذلك يجب أن يكون عندنا اجتهادات جديدة وفقه جديد للمائة سنة التالية وكذا.
لعله أخذ هذا المعنى أو التحديد بالمائة سنة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم الشهير: “يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” أو “أمر دينها” في الرواية الأخرى.
قلت له: واقع التاريخ الفقهي يقول إن التجديد وإن الصلاحية للرأي الفقهي أقل من مائة سنة.
قال لي: كيف؟
قلت له: على سبيل المثال، المسافة كانت بين أبي حنيفة وتلميذيه، أشهر تلميذين لأبي حنيفة، أبي يوسف ومحمد، كانت كم سنة؟
ثلاثين سنة، خمسة وثلاثين سنة فقط، وليس مائة سنة، لم نصل لمئة سنة ولا خمسين سنة، ومع ذلك خالفاه في ثلاثة أرباع المذهب، يعني 75% من اجتهادات شيخهم وأستاذهم الإمام أبو حنيفة. وقالوا إن السبب هو تغير الزمان والمكان، وليس تغير الحجة والبرهان. الأدلة هي هي، ولكن الزمن الذي عاشوا فيه تغير عن الزمن الذي عاش فيه شيخهم الإمام أبو حنيفة.
طبعًا إذا كنا نتخيل سرعة التغير الذي يحصل في زمنهم مقارنة بالتغير الذي يحصل في زماننا، فلن نستطيع أن نتصور هذا الأمر.
التغير الذي يحدث في زماننا لا يحدث بالعقود ولا بالقرون ولا بالسنوات.
الآن التغير يحصل بالشهور، بالساعات في العالم، متسارع جدًا في تغييره وفي تطوره وفي تسارع تطوره.
هل عندما نقول: إننا بحاجة إلى تجديد الفقه، هل معناها أننا نريد أن نهيل التراب على تاريخنا وعلى تراث أئمتنا؟ أو أن نخرج على ثوابت الأحكام الشرعية؟
كلا؛عندما تقول: عندنا قصر ثمين وله قيمة كبيرة جدًا تريد أن تجدده، هل معناه أنك ستهدم هذا القصر؟
أنت لو هدمته فإنه يفقد قيمته التاريخية والأثرية، إنما أن تجدده على أصله، وقد يقتضي هذا التجديد على أصله أن تضيف إليه بعض الأشياء التي اقتضتها الضرورة الحياتية، يعني في دورات مياه لم تكن موجودة في هذا التوقيت، تريد أن توجدها، تحتاج مخارج طوارئ، تحتاج كذا، إضافات ضرورية يقتضيها طبيعة الزمن الذي أصبحت موجودًا فيه الآن.
هذا بالتحديد ما نحتاجه في التجديد الذي ننشده.
إن المسلمين الذين يعيشون في الغرب أو يعيشون في أوروبا هم الذين سيقودون الحركة التجديدية المعاصرة، وإذا لم تأتِ الحركة التجديدية في الشأن الفقهي من أوروبا لن تأتي؛ لأن البيئة الأوروبية حافزة على التفكير وفيها حرية، وليس هناك ضغط سياسي أو سلطاني من أي جهة.
المؤسسات الفقهية والإفتائية مؤسسات حرة ليست مقيدة من أي جهة في اجتهادها أو فيما يصدر عنها.
البيئة الغربية هي بيئة طارحة لأسئلة جديدة.
أنا تُطرح علي وقائع وأسئلة كانوا يقولون: إن أبا حنيفة صاحب الفقه التخيّلي أو “أرأيت” كان يقعد دائمًا يتخيل يقول: أرأيت لو كذا؟ افترض لو كذا.
ولو عاش الإمام أبو حنيفة في أوروبا ورأى الأسئلة والمستجدات التي تطرح اليوم ماذا سيقول؟
يعني الفقه التخيلي الذي وضعه الإمام أبو حنيفة متأخر جدًا عن التغير والأسئلة الكثيرة التي تطرح والتي تحفز الفقيه على النظر والاجتهاد.
المفتاح، مفتاح هذا التجديد، نحن نريد الآن أن نجدد الفقه ونجدد الطرح الفقهي بما أننا نعيش في أوروبا في إطار الثوابت، يعني نريد فقهًا للمسلم الذي يعيش في أوروبا، يمكنه من العيش بدينه دون الخروج على ثوابت الشرع. نحن نتحرك في الدائرة المرنة اللي هي الواسعة القابلة للاجتهاد والنظر وإلى آخره.
بوابة التجديد: أصول الفقه
بوابة التجديد الفقهي والفكري هو علم اسمه أصول الفقه.
ولذلك بعض الباحثين الذي أمضى وقتا طويلًا في موضوع تجديد الفقه، رجع ثانية بعد أن قطع أشواطًا هائلة وقال: أنا اكتشفت أن الذي يحتاج إلى تجديد هو أصول الفقه وليس الفقه.
لماذا؟
لأن أصول الفقه هو الماكينة التي تعمل في النص لتنتج لنا الأحكام والفقه.
عندي آية تقول: “يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم” [البقرة: 183].
عندي آية تقول: “وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة” [البقرة: 43]، “ولا تقربوا الزنا” [الإسراء: 32]، “إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه” [البقرة: 282].
هذه كلها نصوص مواد خام، أحتاج أن أستخرج منها الأحكام.
استخراج الأحكام لا يتم ولا يصح ولا ينضبط بدون أدوات، ما هي هذه الأدوات؟
هي علم أصول الفقه الذي نتكلم عليه الآن.
علم أصول الفقه من العلوم الصعبة ومن العلوم اللي وقعت أو دخل التعقيد عليها بسبب أنه تأثر بعلم الكلام وأسباب تاريخية أخرى.
لكن أنا مقتنع اليوم أنه هذا العلم يجب أن يكون ثقافة عامة لكل الناس، وأن كل مسلم يجب أن يأخذ حظه منه بحسب ثقافته وقدراته وإمكاناته العلمية.
فلا يبقى هذا العلم قاصرا على أهل الاختصاص من أهل الفقه والشريعة والأئمة وكذا إلى آخره.
لماذا؟
لأن الهجمة والعدوان على الثوابت والتشكيك فيها والأسئلة التي تطرح حول الإسلام اليوم في الشرق وفي الغرب، البوابة والمدخل الأساسي للحماية والوقاية منها وفهمها واستيعابها وكيفية الرد عليها هو هذا العلم، علم أصول الفقه؛ لأن علم أصول الفقه هو القواعد والأدوات التي ينظر بها الفقيه أو المجتهد في النص ليستخرج الحكم التفصيلي، هو يقول لك: الصلاة واجبة، وكتابة الدين مندوبة، والسواك مستحب، وكل هذه الأشياء لا تتم إلا بالأدوات الأصولية مثلما ذكرنا.
وأنني قرأت كتابًا لمستشرق كان لبنانيًا ثم تأمْرك اسمه فيليب حتّي. فيليب حتّي هذا كتب كتابًا اسمه “صانعو الحضارة من العرب” لما قال: الذين صنعوا الحضارة من العرب والذين كان لهم أثر على الحضارة الغربية، من رقم واحد الذي ذكره؟ رقم واحد سيدنا عمر بن الخطاب، رقم اثنين الإمام الشافعي.
ما علاقة الإمام الشافعي بصناعة الحضارة؟
قال: إن الشافعي هو واضع علم أصول الفقه، ولذلك الحضارة الغربية تقوم على أساس كبير جدًا وضخم جدًا هو منهج اسمه المنهج التجريبي.
فكرة المنهج التجريبي وروح المنهج التجريبي مستقاة ومستلهمة من فكرة أصولية هي التعليل الأصولي أو قياس العلة.
وموضوع الاستنساخ وهذا الكلام كله مأخوذ من هذه الفكرة.
لو نحن أردنا أن نفهم أي اختلاف فقهي، ما سببه في أي مسألة؟
أي مسألة تسمعها اليوم يقول لك: اختلف فيها العلماء فأبو حنيفة قال كذا والشافعي قال كذا، إذا أردت أن تفهم هذه المسألة وأن ترجّحها وتقول: الرأي الأقوى؟ والأنسب للواقع؟ وكذا إلى آخره، لا بد أن تفهم الأساس الذي انبنى عليه هذا الاختلاف، وهو المنهج الأصولي الذي اعتمد عليه كل إمام في التعامل مع النص.
أضرب لكم بعض الأمثلة
الصيام في الصيف هنا بكندا يطول النهار حتى يصل إلى كم ساعة؟ 18؟ نحن عندنا بألمانيا 19 ساعة و40 دقيقة ، وكلما ابتعدنا زاد الوقت أكثر، أنا زرت مدينة اسمها مدينة أوميو في شمال السويد، عندهم الليل كم ساعة؟ بل قل كم دقيقة؟ 50 دقيقة!!!
الليل موجود، الغروب موجود، الشروق موجود، لكنه كم دقيقة؟ 50 دقيقة، يعني ليصوم يصوم 23 ساعة و10 دقائق!!!
وفي مدن أخرى زرناها أيضًا، مدينة كيرونا مثلًا شمال السويد أيضًا،عندهم ست شهور ليل وست شهور نهار، هؤلاء ما في إشكال فيهم، اجتهادهم سهل.
سبب الخلاف الفقهي في الصيام
الناس الذين عندهم الليل 50 دقيقة ماذا يفعلون؟
في اجتهاد أفتت به دار الإفتاء المصرية، وسبقهم إليه الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله، والشيخ مصطفى الزرقاء كان من الفقهاء المعتبرين.
قال: الناس اللي تمتد ساعات الصيام عندهم عن 18 ساعة، يصومون على توقيت مكة، لأنه كما نتجه في القبلة إلى مكة، نتجه في الصيام إلى مكة، وهذه أم القرى، يعني أم العالم كله، فهي المكان الذي نتجه إليه ونصوم ونفطر عليه.
الكلام شكله ظاهرًا حلو لكنه حقيقةً وباطنًا فيه إشكالات، لهذا نحن في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة رفضنا هذا الاجتهاد، وقلنا إنه ما دام الليل بيتميز عن النهار يجب على الناس أن يصوموا الساعات كلها، 18 ساعة، 20 ساعة، مثل ما يكون.
ومن يشق عليه الصيام بسبب العمل أو بسبب أي شيء يفطر، ثم عليه القضاء.
ما سبب الاختلاف؟
سبب الاختلاف هو الأصول.
نرجع للقواعد الأصولية. قالوا: النص قال: “ثم أتموا الصيام إلى الليل” [البقرة: 187]،
الشيخ مصطفى الزرقا ودار الإفتاء المصرية نظروا في النص فقالوا: النص لا يشمل البلدان التي فيها النهار طويل بهذا الشكل، هذا خاص بالنهار الطبيعي الذي يعرفه الناس ويعرفه العرب، بحدود 18 ساعة.
وقالوا إن في قاعدة أصولية أو في مبدأ أصلي اسمه: إن النادر أو الشاذ لا عموم له، أو لا يدخل في الخطاب العام، يعني الحالة النادرة وهي النهار الطويل لا تدخل في الخطاب العام : “ثم أتموا الصيام إلى الليل” [البقرة: 187]. بالتالي ما دام لا تدخل في هذا الخطاب العام، نحن محتاجين نجتهد لها اجتهادًا جديدًا وخاصًا.
كيف نجتهد لها اجتهادًا جديدًا وخاصًا؟ أن نقيسها على مكة.
بينما المجلس الأوروبي للإفتاء رأى أن الخطاب عام، وهو رأي جمهور الأصوليين. “ثم أتموا الصيام إلى الليل” [البقرة: 187] لكل الناس؛ لأن القرآن الكريم حدد شكلًا معينًا للعبادة، وقال إن الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومن لايقدر أن يصوم، قال: “فعدة من أيام أخر” [البقرة: 184].
بالضبط عامل مثل الصلاة: الصلاة لها شكل معين، أربع ركعات الظهر، ثلاث ركعات المغرب.
طيب افرض واحد لا يستطيع أن يصلي، عاجز، يقول: أنا مريض، أنا لا أستطيع أن أقوم، هل ينفع أن نقول له: نخفض الموضوع مثلًا صلّ ركعة واحدة كفاية مثلًا؟ أو ركعة ونص؟ أو كذا؟
نفس الشيء، فأنت أدخلت شكلًا جديدًا للعبادة عندما قلت: أفطر والشمس طالعة. فضلًا عن أنه علة الفتوى هي؟ شذوذ النهار طولًا في فصل الصيف.
طيب ماذا إذا شذ قصرًا في فصل الشتاء؟
يعني أنا زرت فنلندا مثلًا، الشتاء عندهم صلاة الصبح الساعة 9 وصلاة المغرب الساعة 12 الظهر!!!
أنا قلت لهم: الأئمة عندكم بيصلوا الخمس صلوات بوضوء واحد، والواحد لو عليه كفارة، بقى إطعام 60 مسكين ولا صيام شهرين، يجي يصومهم هنا عندكم في الشتاء
ويبقى ملك ما عنده أي مشكلة؛ لأنه حاجة حلوة خالص.
يعني تخيل أنك تقوم تتهجد الساعة 8 مثلًا وبعدين تصلي الفجر تتهجد ساعة وتصلي الفجر الساعة 9 الصبح. قلنا لهم: طيب معناها أنه النهار شذ قصرًا، لما يشذ النهار قصرًا هل معناه أن نصوم على مكة أيضًا عندما يشذ النهار قصرًا في فصل الشتاء.
هل تقولون بهذا؟
أنا دخلت في نقاش طويل مع الدكتور الريسوني وهو عالم كبير في المقاصد، قال لي: أنا أؤيد فتوى الصيام على مكة.
قلت له: طيب، أوردت له هذا الإشكال، قال لي: نصوم عليها صيفًا وشتاءً.
قلت له: طيب، مارأيك في هذه المشكلة ؟
هل تقول بأن نصوم عليها صيفًا؟ هذا معناه أصوم على مكة، معناه أن أؤخر الإفطار وصلاة المغرب من الساعة الواحدة إلى الساعة الرابعة أو الخامسة، أنا بذلك خالفت النصوص، نصوص المواقيت ونصوص التعجيل بالفطر بدون أي مسوغ شرعي لمدة طويلة من الوقت، ويدخل وقت العشاء، يعني يفوت وقت صلاتين وستؤخر الإفطار عنهم وقد تجاوز وقت الصلوات المفروضة بدون أي مبرر أو مسوغ شرعي.
فقال لي: أنا إذًا أتوقف في هذه المسألة حتى ننظر ونجتهد فيها وإلى آخره.
إذًا فهمنا الآن أن سبب الخلاف والإشكال هو النظر الأصولي، أن كل واحد نظر إلى الأدلة ونظر إلى المسألة نظرة أصولية معينة، ونحن لما أقنعناهم بعدم صحة الفتوى، أقنعناهم بالأدوات الأصولية. إنه إذا كان مناط الفتوى واحد، يجب أن تثبت عليه.
أنت قلت الآن أنه شذوذ النهار، هذه نقطة الانطلاق والارتكاز.
ثم إذا كنت ستفطر والشمس طالعة، ستصلي المغرب والشمس طالعة، أم ستأخر المغرب إلى أن تغرب الشمس؟
لو قلت: سأؤخره حتى تغرب الشمس، معناها دخلت في إشكال. لو قلت: لا سأقوم بالاثنين معا يبقى لو في الأول فصلت عبادة بدون مبرر، ولو قلت: لا هعملهم الاثنين مع بعض، يبقى صليت المغرب قبل وقته، وبالتالي صلاتك باطلة؛ لأنه لم يدخل وقت المغرب.
زواج البنت بغير إذن وليها
زواج البنت بغير إذن وليها، وكلام الإمام أبي حنيفة فيها.
نحن نقرأ أن الإمام أبا حنيفة قال: يجوز للبنت البكر البالغة أن تزوج نفسها بغير إذن وليها.
ما السبب أن الإمام أبو حنيفة خالف الجمهور في هذه المسألة؟
السبب هو مبدأ أصولي عند الإمام أبي حنيفة، أن الإمام أبا حنيفة يرى أن الراوي إذا روى حديثًا ثم عمل بخلافه، لا يؤخذ بما رواه.لماذا؟
قال: لأن الراوي لو روى حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجب أن يكون أسبق الناس للعمل به.
فإذا خالفه، معناه فيه أحد احتمالات: إما أنه لم يروِ الحديث أصلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أنه روى الحديث الأول ثم روى حديثًا آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم نسخ الحديث الأول لكن وصلنا الأول ولم يصلنا الثاني، أو أنه رأى قرائن وسياقات احتفت بالنص أو الحديث، ففهم منها عدم الإلزام بالمضمون الوارد في النص النبوي أو في هذا الحديث.
وهذا ما حصل مع السيدة عائشة، التي روت حديث: “لا نكاح إلا بولي”. هي روت الحديث : لا نكاح إلا بولي، ثم عملت بخلاف هذا الحديث، فزوجت بنت أخيها حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر بالمنذر بن الزبير، وكان غائبًا.
لما رجع البيت لم يجد ابنته؟ قالت له: أنا زوجتها !! اذهب لتهنئتها في البيت.
إذًا تم تزويج البكر من راوية الحديث الذي هو عمدة الاستدلال على اشتراط إذن الولي في النكاح، الراوية نفسها هي من خالفت.
فالإمام أبو حنيفة قال: أنا في هذه الحالة لا أعمل بمقتضى هذا الحديث، وأجوز للبنت البكر البالغة أن تزوج نفسها بغير إذن وليها، لكن بشرط أن يكون كفئًا لها.
وهذه الكفاءة لها نظام وشروط وكلام من هذا القبيل عندي.
الجمهور خالف الإمام أبا حنيفة في المبدأ الأصولي، قال: أنا مالي علاقة بعمل الراوي، الراوي له وظيفة، أن ينقل لي الخبر الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم على نحو صحيح، إذا نقل الخبر انتهت مهمته، وليس لي علاقة يعمل به أولا يعمل ، هذه قصة أخرى تماما.
فإذاً فهم علم الأصول الآن واستيعابه هو الذي يجعلنا، تستطيع أن نرجّح.
ترتيب الأولويات في الأحكام التكليفية
الآن أنقلكم مباشرة إلى موضوع مهم وهو مسألة درجات الحكم التكليفي.
الأحكام التي كلفنا بها ربنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية كلها تدور حول خمسة أقسام، أربعة منهم يدور بين الأوامر والنواهي، وقسم آخر إباحة، يعني تخيير بين الفعل والترك. الأحكام الأربعة الأوامر والنواهي.
الأوامر تشمل ؟ دائرة الواجبات والمندوبات.
والنواهي تشمل دائرة المحرمات والمكروهات.
أي أمر في القرآن الكريم أو في السنة النبوية لا يخرج عن هذا.
أي نهي في القرآن الكريم أو في السنة النبوية لا يخرج عن هذا.
النقطة التي أريد أن أناقشها معكم والتي تحتاج منا إلى اهتمام كبير جدًا وينبني عليها مثل ما قلت تغيير كثير من المفاهيم عندنا هي الاهتمام بدرجات الحكم التكليفي.
بمعنى أنا عندي واجبات في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، وعندي مندوبات، وعندي محرمات، لكن هل الواجبات كلها على مرتبة واحدة من الأهمية؟
أم هناك تفاوت في المنزلة وفي الدرجة؟
يعني الصلاة فرض، لما الناس يقولون: الحجاب فرض كالصلاة، هذا الكلام صح أم خطأ؟
هو صح من حيث المبدأ، أن ربنا أوجب الصلاة وأوجب الحجاب على المرأة، لكن هل هما في المستوى وفي الدرجة على نفس الأهمية ونفس المرتبة أم لا؟
هذا هوالموضوع الذي نتكلم فيه:
درجات الحكم التكليفي.
الواجبات ليست على درجة واحدة من الأهمية، والمحرمات ليست على درجة واحدة من الخطر أيضًا والحساب والجزاء.
فأنا محتاج أن أضع كل فرض أو كل محرم في مرتبته وفي مكانه بحيث أكون عارف أين الموقع بالضبط، أين المكان، فأرتب أموري وأرتب أولوياتي.
فقه الأولويات مثلًا، نحن سنتكلم عن الأولويات، معناها لازم أعرف أين الدرجات ، أين مرتبة كل حكم من هذه الأحكام، أين يوضع؟
الإمام بن عز بن عبد السلام يقول: أركان الإسلام الخمسة في الحديث المشهور: “أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت”.
يقول هكذا: فالصلاة واجبة أو مفروضة، والصيام كذلك، لكن أهمية الصلاة ومنزلة الصلاة ليست كمنزلة الصيام. أليس كلاهما ركن من أركان الإسلام، والزكاة فريضة وواجبة، لكنها ليست كالصلاة. وهكذا، فهذا ما نريد الحديث فيه الآن.
الأوامر أم النواهي؟
لو طرحت عليكم سؤال قلت: هل أنا عندي الدائرتين؟
دائرة الأوامر ودائرة النواهي. المحرمات، الواجبات، والمندوبات، والمحرمات والمكروهات.
أيهما أهم؟ طبعًا كله مطلوب.
أنا كمسلم يجب أن أنا ألتزم بالمأمورات وأجتنب المنهيات، لكن ما الأهم؟ الأهم المأمورات أم المنهيات؟
وأيهم آخذ عليه ثوابا أكثر؟
فعل الأمر أم ترك النهي؟
وأيهم آخذ عليه إثم أكثر؟ ترك الأمر أم فعل النهي؟
بماذا يفيد هذا السؤال؟
فوائد لا تتخيلها، لأنها سينبني عليها تغيير منظومة التفكير الموجودة عندنا كلها في نظرتنا للأحكام أو في تعاطينا مع الأحكام.
هل الأوامر هي الأهم والأولى بالعناية؟ أم المنهيات؟
سأقرب لك المسألة: أنت جاءك شخص لا يصلي ويشرب الخمر، هو هنا تارك للمأمور وفاعل للمنهي عنه المحرم.
لو أردت أن آخذ بيده إلى الهداية، أبدأ بالصلاة. بالأمر. هل نأخذ الأمر المأمور ولا نأخذ النهي؟
الأوامر. من يقول الأوامر أولا هو مدرسة أصولية.
ومن يقول النواهي مدرسة أصولية.
لكن الشائع في ثقافة الأمة وفي خطاب الأئمة وفي ممارسات الحركات الإسلامية هو المنهيات.
نحن تمركزنا حول المنهيات، وفي تربيتنا لأولادنا أيضًا تمركزنا حول المنهيات.
قضيتنا الأساسية هي الممنوع، المنهي، المحرم، طول الوقت هذه نقطة الارتكاز الأساسية.
أنا لما طرحت على الناس سؤال استغربوا ، قلت لهم: لو أنا عندي واحد شاذ جنسيًا وواحد تارك للصلاة، أيهما أقبح؟ أيهما أخطر؟
تارك الصلاة.
لكن عموم الناس بالتوجه النفسي يقول لك: لا، الشاذ الجنسي هذا شيء كذا وكذا …
هو محرم صحيح، نحن لا نلطف في الأمور، لكن أين موقعه ؟
لما نتكلم عن أكل الربا مثلًا، أكل الربا وترك الصلاة، أيهما أخطر؟
الصلاة. لكن يا أخي ربنا سبحانه وتعالى قال عن الربا في القرآن: “فأذنوا بحرب من الله ورسوله” [البقرة: 279].
فالمفروض أنه أكل الربا يكون أخطر.
ليس هذا وحده هو السبب، السبب هو المنطلق الأساسي، منطلقنا الأساسي هل نحن منطلقنا أوامر في المقدمة في الأولوية ولا منهي في المقدمة والأولوية؟
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة”
أنا أخرج كل سنة إلى الحج وأتابع أسئلة الناس وأحللها وأسأل الأئمة المفتين في الحج: ما هي أكثر الأسئلة اللي تطرح عليكم من الناس؟
90% من أسئلة الناس كلها متمركزة حول المحرمات.
أنا غسلت يدي بالصابون وأنا محرم….عملت حاجة من محظورات الإحرام في الظفر، حكيت هكذا، حصل كذا. واحد يقول لي: أنا كان في نملة، نملة ماشية يا مولانا وتتحرك داخلة، اقتربت، أعمل إيه؟ أفتيني بسرعة. خايف أن يقتلها فيدخل في المحظور.
عندنا الوقوف بعرفة مثلًا في الحج، هل سأل عن كيف أقف بقلبي على عرفة؟
كيف أتفاعل؟
كيف السبيل إلى دمعة خاشعة في الحج؟
كيف أحج بقلبي؟
كيف أتغير بعد الحج؟
نتكلم عن أركان الحج، عن واجبات الحج، كل التمركز حول المحظورات والمحرمات.
كل الأسئلة داخلة في دائرة المحرمات والمحظورات.
فالحج هو المرآة العاكسة للأمة، من يريد أن يتعرف على أمة الإسلام يذهب الحج، لو الأمة نظيفة خارج الحج ستكون نظيفة في الحج، لو منظمة ستبقى منظمة. وهكذا.
فواقع الأمة وخطابنا متمركز في دائرة المنهيات ودائرة المحرمات.
هل هذا التوجه هو التوجه الصحيح؟
كلا التوجه الصحيح الذي نتبناه وندعو إليه ونعتقد أنه سينبني عليه الكثير من التغيير في المفاهيم وفي الأفكار هو أن يكون الاعتناء بالمأمورات قبل الاعتناء بالمنهيات.
شيخ الإسلام ابن تيمية له كلام رائع جدًا وهو من أكثر الناس الذين اهتموا بهذا الموضوع، ذكر 22 دليلًا على أن المأمورات هي الأولى بالاعتناء من المنهيات.
تلميذ الإمام ابن القيم شرح الـ 22 دليل في حوالي 100 دليل، على أنه الأمر هو الأساس.
بل بعض الأصوليين ذهبوا إلى شيء خطير جدًا، قالوا: إن دائرة المنهيات غير مقصودة للشرع أصلًا.
طب لماذا أوجدها؟
قال: لحماية المأمورات.
يعني المنهيات التي أخذت حيز الاهتمام الكبير جدًا في ذهننا، ليست مقصودة لذاتها، إنما حتى لا تضر بالمأمورات.
“يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون” [المائدة: 90] هذا هو الحكم بقى التعليل: “إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة” [المائدة: 91].
إذًا النهي الأساسي عن الخمر هو لأنه سيضر بدائرة الصلاة وبدائرة المأمورات.
الإمام ابن القيم قارن مقارنة لطيفة جدًا بين معصية آدم وبين معصية إبليس.
قال: إن معصية آدم كانت في أي دائرة؟ في النهي، أنه فعل المحرم الذي نُهي عنه، نُهي عن الأكل من الشجرة فهو أكل من الشجرة.
ومعصية إبليس في الأمر، أمر بالسجود، فامتنع عن دائرة الأمر.
ماالفرق بين الاثنين؟
الفرق بين الاثنين هو أن الاستجابة لرغبة النفس في النهي هي ضعف بشري أمام النفس أو أمام الشيطان، لكن الإصرار على ترك الأمر استعلاء وحظوظ: “أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين” [الأعراف: 12].
“فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ” [البقرة: 37]. وإبليس ملعون إلى يوم الدين
ماذا تريد أن تقول باختصار؟
الصحابة قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر داعية.
الأمر كذلك نعم، فالإمام ابن القيم قال: “إن جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه، وإن جنس ترك المأمور به أعظم من جنس فعل المنهي عنه”.
يعني بشكل عام، يقول: المأمورات فعلها يحصل الإنسان عليه ثوابًا أكبر، وتركه يحصل عليه وزرًا أكبر من فعل المنهي عنه الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه.
لا أريد فهم كلامي أبدًا على أني أهوِّن من دائرة المنهيات، أو أن هذه دعوة إلى أن نفعل المأمورات ونأتي بالمنهيات أيضًا.
أحذروا من هذا الكلام، أنا قلت إن المسلم يتعين عليه أن يتعبد الله سبحانه وتعالى بما أمر وبما نهى، لكن نحن نتكلم على ترتيب الأمور؛ لأنها سيترتب عليها نتائج نتكلم عنها بعد قليل.
وإن مثوبة بني آدم على أداء الواجبات أعظم من مثوبتهم على ترك المحرمات، وإن عقوبتهم على ترك الواجبات أعظم من عقوبتهم على فعل المحرمات.
هذا كلام ابن تيمية، وبعدين ذكر حوالي 22 دليلًا. نذكر مثلًا منها بعض الأدلة المهمة :
يقول: إن الحسنات التي هي فعل مأمور به تذهب بعقوبة الذنوب والسيئات التي هي فعل المنهي عنه. فإن فاعل المنهي عنه يذهب إثمه بالتوبة وهي حسنة مأمور بها، وبالأعمال الصالحة المقاومة، وهي حسنات مأمور بها. يعني عايز يقول لك إنك لما تفعل المأمور به تمحو أثر ترك المنهي عنه، لكن ترك المنهي عنه لا يعوِّض بحال ترك الواجب الذي أنت تركته، ولذلك القرآن الكريم أكد على هذا المعنى: “إن الحسنات يذهبن السيئات” [هود: 114]. ترك السيئات هل تعوِّض الواجبات؟ لا تعوِّض الواجبات بحال.
قال أيضًا: إن فعل الحسنات يوجب ترك السيئات، وليس مجرد ترك السيئات يوجب فعل الحسنات.
يعني لو اشتغلت مع شارب الخمر على أن يلتزم بالصلاة وينضبط فيها، الصلاة ستحمله على ترك الخمر، لكن افترض أنه استجاب معي وترك الخمر، وأنا اعتبرت نجحت، الحمد لله، ما شاء الله بقى له أسبوع، أسبوعين، ثلاثة كذا، لكنه ضعيف لأن لا يصلي، ضعيف ضعيف. أول ما الضعف يمتد في قلبه وفي نفسه سيرجع ثانية لما كان عليه.
لهذا نحن لو أردنا أن نقوي منسوب الإيمان في قلوب أولادنا ليلتزموا بالأوامر ويجتنبوا النواهي، لازم نركز على المأمورات.
منهجية التربية وأركان الإسلام
ولذلك نحن المفروض مما ينبني على هذا الكلام منهجية التربية مع أولادنا.
نحن منهجية التربية مع أولادنا متمركزة حول المحرمات والمنهيات، أم متمركزة حول المأمورات؟
لو متمركزة حول المأمورات ستسلم المنهيات، حتى لو سقط فيها في أي مرحلة سيعود مرة أخرى بقدر قوة وسلامة جانب المأمورات عنده.
لهذا أنا أقول: إن المشروع القومي للمسلمين يجب أن يكون هو الصلاة.
الحركات الإسلامية في مصر مثلًا عملت في وقت من الأوقات حملة على التدخين لمحاربة التدخين، التدخين محرم ، ورئاسة الشؤون الدينية التركية عملت نفس الحملة وطلعوا فتوى قالوا إن التدخين حرام وقعدوا يطبعوها في كل المساجد.
جيد، لكن كان يجب أن يتأخر عن المأمورات.
هل عملتم حملة مشابهة للصلاة؟
نسبة الناس الذين يصلون في العالم العربي والإسلامي وليس في أوربا كم؟ كم نسبة الناس الذين يصلون؟ 10%؟ 15%؟ طب كم عدد الحملات قمنا بها لأداء الصلاة؟
نحن هنا في أوروبا كم حملة عملتها هيئات الأئمة والمساجد لتدعو الناس إلى الصلاة أو لنرى الشباب والأجيال الجديدة الذين ولدوا هنا يؤدون الصلاة؟
أقول لكم على أركان الإسلام. أركان الإسلام كلها مأمورات، ما في ولا ركن من أركان الإسلام عنده علاقة بالمحرمات أو المنهيات.
الأعراب الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي. قال له: “ما عليك إلا أن تصلي المكتوبات”. “إلا أن تتطوع؟”. قال: “والله لا أتطوع”. ” قال له: “وتصوم رمضان”. “إلا أن تتطوع؟”. قال: “والله لا أتطوع”. “وتؤدي الزكاة”. “إلا أن تتطوع؟”. قال: “والله لا أتطوع”. خلص الأركان، قال: والله لا أزيد على هذا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أفلح إن صدق”.
هل معناها أن بقية المحرمات والمنهيات غير داخلة في الحسابات؟
كلا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه سيفلح إن التزم بالمأمورات، ستقوده إلى الالتزام بالمنهيات.
الكلام هنا مهم جدًا: فعل الحسنة يوجب ترك السيئة، لكن مجرد ترك السيئة، خليك مع ابنك تركز معه: أوعى المصاحبة، وأوعى المصادقة، أوعى البنات، أوعى التدخين، أوعى الخمور، أوعى الديسكو.
أقول: الحمد لله ابني تمام في هذه المسألة بفضل الله تبارك وتعالى، لكن الصلاة ضائعة غير موجودة.
إذًا هو ضعيف جدًا، ضعيف جدًا. لكن الصلاة لو قوية، والمأمورات لو قوية وحاضرة، إذن أنت في الخط الصحيح، في التأمين، في الحماية، في التحصين.
أرجع لأركان الإسلام، الصلاة. نسبة الذين يصلون من المسلمين في الشرق وفي الغرب كم؟ ما وصلنا أبدًا لـ 40% ولا 50% أبدًا بحال من الأحوال.
أنتم في العيد كم مرة تصلوا هنا؟ خمس مرات ؟ وهل كل الناس يصلون الخمس مرات ؟ معناها أن كل المسلمين صلوا؟ كلا . طيب، أين هم؟ في الأوقات الأخرى هم موجودون في العيد وهو سنة، طيب في الفرائض وفي صلاة الجمعة أين هم؟
واقع الزكاة والخطاب الإسلامي
الصيام أنا أزعم أنه أكثر فريضة الناس يحافظون عليها ويعملوها، حتى غير الملتزم تراه يصوم ولا يصلي.
كم نسبة الذين يصومون من المسلمين في الشرق وفي الغرب؟
عدينا الـ 50% بقليل. ممكن أكبر ممكن ، أكبر من الصلاة، لكن ما وصلنا للنسبة الآمنة لنقول والله المسلمين، بلغوا الحد الأدنى يا جماعة، هذه أركان الإسلام،وهذا الحد الذي قال الرسول عليه الصلاة والسلام له: “أفلح إن صدق”.
الزكاة أخطر شيء: أنا قرأت دراسة غير موثقة تقول: إن نسبة المسلمين الذين يخرجون زكاة أموالهم في العالم الإسلامي كم؟ لا تتعدى 5%، يعني 95% لا يخرجون الزكاة، وهي ركن من أركان الإسلام.
أين الاشتغال على هذا الملف أو على هذا الموضوع؟
خطاب الحركات الإسلامية بعد أحداث الربيع العربي ركز على المنهيات، المحرمات.
أنا أذكر دائمًا خطاب المستشار القاضي الليبي عبد الجليل مصطفى في الميدان في ميدان الثورة: “نحن سنطبق الشريعة الإسلامية ، سنمنع الربا ونوجد مصارف تقوم على كذا”.
كله محرمات، ركز على المحرمات.
الإعلام لما مسك الإسلاميين قال لهم: أنتم هتحكموا؟ طيب، قولوا لنا ماذا ستفعلون في الخمور في الفنادق؟ والتعري على الشواطئ؟ كله محرمات.
وكأنه الإسلام هو تحريم، هو ممنوعات. أهو كذلك؟ ليس كذلك.
قاعدة “جلب المصالح” و”درء المفاسد”
مثلما نقول هنا، إذا سلمنا هذا الباب وقررنا وقلنا: خلاص يا جماعة، دائرة المأمورات هي الأصل وهي الأساس، فهذا معناه أنه سنقلب كل هذا الكلام.
بدلا من أن يكون مشروعنا قائم على محاربة التدخين سيقوم على أداء الصلاة. بدل ما مشروعنا سيقوم على محاربة الخمور، سيقوم بشكل أساسي على إقامة الصلاة، على الأقل نشوف صلاة الجمعة بشكل أساسي وبعدين ننتقل إلى الصلوات الأخرى.
ولذلك المؤسسات الدعوية هنا في أوروبا يجب أن يكون عندها مشروعات تشتغل عليها.
هذه المشروعات هي: كيف نوجد ونسلِّم المأمورات في دائرة المسلمين بشكل صحيح؟
“إن فعل الحسنات موجب للحسنات أيضًا”، دليل آخر: إنك لما تلتزم بالأمر الإيمان يقتضي الأعمال الصالحة والعمل الصالح يدعو إلى نظيره.
العلماء يقولون دائمًا: “الحسنة تبحث عن أختها”، كما قيل: “إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها”.
وأما عدم السيئة فلا يقتضي عدم سيئة إلا إذا كان امتناعًا، فيكون من باب الحسنات وهذا واضح. يعني هو يعدد لك الفوارق بين المأمورات والمنهيات.
“إن تارك المأمور به عليه قضاؤه، وإن تركه لعذر” مثل من ترك الصوم مثلًا لمرض، أنا كان عندي عذر، عليك القضاء، أو لسفر، والنوم عن الصلاة أو نسيانها.
ومثل من ترك شيئًا من نسكه الواجب فعليه دم أو عليه فعل ما ترك إن أمكن.
وأما فاعل المنهي عنه إذا كان نائمًا أو ناسيًا أو مخطئًا فهو معفو عنه، ليس عليه جبران، يعني تعويض. إلا إذا اقترن به إتلاف كقتل النفس والمال والكفارة فيها وجبت جبرًا أو زجرًا أو محوًا.
فحاصلة أن تارك المأمور به وإن عُذر في الترك لخطأ أو نسيان، فلا بد له من الإتيان بالمثل أو بالجبران، لازم عليك تعويض.
بخلاف فاعل المنهي عنه، فإنه تكفي فيه التوبة.
وهذا لا يمكن أبدًا يكون إلا قيمة ودرجة ومنزلة المأمور به أعلى من قيمة ودرجة ومنزلة المنهي عنه.
إن ضلال بني آدم وخطأهم في أصول دينهم وفروعهم إذا تأملته تجد أكثره من عدم التصديق بالحق، لا من التصديق بالباطل.
يبقى من الأمر لا من المنهي عنه.
فما من مسألة تنازع الناس فيها في الغالب إلا وتجد ما أثبته الفريقان صحيحًا، وإنما تجد الضلال وقع من جهة النفي والتكذيب.
ويتحدث عن الكفار أنهم لم يضلوا من جهة ما أثبتوه من وجود الحق، وإنما من جهة ما نفوه من كتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك.
وحينئذ وقعوا في الشرك، وكل أمة مشركة أصل شركها عدم كتاب منزل من السماء، وكل أمة مخلصة أصل إخلاصها كتاب منزل من السماء.
معيار قياس التدين
الكلمات الجوامع في القرآن الكريم وفي السنة النبوية تتضمن امتثال المأمور به والوعيد على المعصية بتركه: “فاستقم كما أمرت ومن تاب معك” [هود: 112].
“قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين” [الأنعام: 14]. “قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصًا له الدين” [الزمر: 11]. وهكذا.
إن مقصود النهي ترك المنهي عنه، والمقصود منه عدم المنهي عنه، والعدم لا خير فيه إلا إذا تضمن حفظ موجود، وإلا فلا خير فيه، لا شيء.
وهذا معلوم بالعقل. يعني يقول إنه ترك المنهي عنه كأنه يوصل إلى العدم، إلى لا شيء، بخلاف المأمور به اللي هو بيوصل إلى شيء. وهكذا.
ماذا سينبني على هذا الكلام؟
لو قلت نحن اقتنعنا أن المأمورات هي الأولى بالعناية والتقديم، وإن ثوابها أعظم من المنهيات وإلى آخره.
القاعدة المشهورة : “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”؟
وقاعدة : “التخلية قبل التحلية”؟ معروفة جدًا.
قاعدة : “الاجتناب قبل الاجتلاب”
يعني أترك الأول ثم أؤمر. أنت عايز تتوب؟ أنا عملت معاصي وذنوب وكذا، يقول لك الأول؟ نظف وبعدين ابدأ حلِّي. يعني خلِّي الأول المحرمات وبعدين ابدأ بعد كده حلِّي. درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
هذه القاعدة ستنقلب بناء على الكلام الذي قلناه
“جلب المصالح مقدم على درء المفاسد”. لهذا الدكتور أحمد الريسوني في رسالته للدكتوراه كان مع الجمهور، يعني يقول إن المنهيات والمأمورات، و”اتق المحارم تكن أعبد الناس” وكذا.
لما قرأ كلام ابن تيمية وابن القيم، قال: كلا، إذن نحن المفروض نقلب هذه القاعدة، وقال: القاعدة الآن هي: “جلب المصلحة مقدم على درء المفسدة”.
وبين أن جلب المصلحة مقدم على درء المفسدة، يعني أقول لكم مثلًا:
المشاركة السياسية : نحن لما نقول للمسلمين شاركوا سياسيًا في أوروبا، يقول لك: كيف أشارك سياسيًا ؟ ما في حزب ولا مرشح إلا وعنده مخالفة لمبدأ في الإسلام، أو لقيمة من قيم من الإسلام، والحكم من أحكام الإسلام.
كلهم يقولون بالشذوذ وكلهم يقولون بكذا. لو أنك تقول: “درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة”، ممكن يكون امتناعك له وجه.
لكن لو قلت: “جلب المصلحة مقدم على درء المفسدة” معناها أن من الممكن أرتكب المفسدة بالتصويت لهذا الحزب الأقل ضررًا لجلب المصلحة، مش المصلحة للمؤسسات وللمسلمين فقط.
المشاركة السياسية وحماية المجتمع
نحن رفضنا للأحزاب المتطرفة واليمينية ، ومشاركتنا السياسية ليس لمصالحنا نحن الخاصة كمسلمين أو المؤسسات الإسلامية في أوروبا، إنما من أجل العدوان على قيم المجتمع نفسه.
في خطر على المجتمع أن تصعد هذه الأحزاب وهذه التوجهات السياسية الخطيرة بما تطرح.
هذا الخطر لن يضرنا نحن وحدنا، كلا، سيضر الجميع.
ولذلك أنا تحدثت في خطبة الجمعة الماضية عن الحادثة التي حدثت في مدينة هنا في بألمانيا، الرجل العنصري الذي قتل الناس في المقهى ، قلت لهم: نار العنصرية تطال الجميع.
قبل هذه الحادثة بأسابيع تم الاعتداء على معبد يهودي، ما في فرق.
فنحن تحركنا هذا ودعوتنا إلى المشاركة السياسية للحيلولة دون كسب هؤلاء الناس هو الخوف على المجتمع بأسره، مش على مصالحنا، وهو معنى المواطنة، أنا لست منعزلا عن الناس، أنا مواطن ببلد أوربي لي حقوق وعلي واجبات، مشاركتي السياسية هدفها حماية المجتمع من هذا الخطر وهذه التحديات.
لكن في مفاسد ؟
أقول لك : جلب المصلحة، في مصلحة من التصويت إذن “جلب المصلحة مقدم على درء المفسدة”.
شوفوا الآثار والنتائج التي ستنبني على تغيير القاعدة بأن جلب المصلحة هو مقدم على درء المفسدة، معناه إن فتح الذرائع مقدم على سد الذرائع، طبعًا بالضوابط.
لو أنا أردت من النتائج التي ستنبني على هذا، لو أردت أن أُعرِّف بالإسلام، يعني لما واحد مثلًا كندي دخل المسجد الآن قال لنا: يا جماعة اشرحوا لي الإسلام، كثير من المسلمين لما يشرح له الإسلام يقول له قائمة ممنوعات.
لو سألت واحد كندي: ما هو تعريفك للمسلم؟
يقول لك: لا يشرب الخمر ولا يأكل الخنزير، ولو كانت امرأة فستكون متحجبة.
في أي إطار؟ إطار المنهيات وفي إطار المحرمات.
قصة الرجل الألماني والإسلام
واحد من الشخصيات الألمانية المرموقة ، زوجته أسلمت ثم تبعتها ابنته وبقي هو.
فقال: أنا مقتنع والله يا جماعة لكن عندي مشكلة، أنا لما أسلم وألتزم، عندي مشكلة مع الخمر، لا أقدرأن أترك الخمر.
الخمر حاجة أساسية في حياتي.
فسأل أحد الأئمة قبلي، قالوا له: كلا، الإسلام إما أن تأخذه كله أو تتركه كله!!
قال: أنا راجل موضوعي مع نفسي، أنا أسلم وهذا ممنوع في الإسلام، طيب أنا سأشربه. أنا بذلك أضحك على نفسي.
ينفع أدخل الإسلام وأنا أشرب الخمر؟ قال له: كلا، خليك كما أنت !!!
ثم جاء وسألني، قلت له: كلا، تدخل الإسلام فورًا، ولكن تعتقد أن الخمر محرم، وتدعو الله سبحانه وتعالى أن يعينك على تركها، وربنا سبحانه وتعالى لما يعلم صدقك سيهيئ لك الأسباب .
هو رجل كان عاشقًا للخمر لدرجة أنه كان زملاؤه يعملون مسابقة ليحكم على الصنف بمجرد التذوق.
قال لم أكن أتخيل أن أترك الخمر ، لكن لما صمت لم أجد أي صعوبة في أن أترك الخمر وأترك القهوة.
أعظم مكسب خرجت به من الصيام هو أني اكتشفت أني ما زلت سيدًا على نفسي، يعني تحرر من عبوديته للخمر وللقهوة ولهذه الأشياء.
خلال ست شهور، أقل من ست شهور، ترك الخمر. وكان يستفتيني في أنه عندنا كمية نحن عيلة ثرية وكذا ويأتينا هدايا من ماركات عالية جدًا.
في عندنا كمية خمور جاءتنا هدايا قيمتها 15 ألف يورو، أعمل فيها إيه؟ قلت له: ليس أمامك شيء إلا أن تتلفها.
ممكن أهديها لأصدقائي أو أبيعها لهم وأتبرع بثمنها؟”.
قلت له: ليس لك حل إلا أن تتلفها، خلاص انتهى الموضوع.
قال لي: خلاص تمام. والتزم بهذا.
منهجية الدعوة وأصول الفقه
الشيخ القرضاوي حكى أنه سافر إلى اليابان في فترة مبكرة طبعًا من الوجود الإسلامي هناك وسألهم هناك: هل هناك من يدخل الإسلام من اليابانيين؟
قالوا له: هذا أمر نادر جدًا أن يحصل. ليه؟ قالوا: والله اليابانيين ناس عمليين والإسلام تكاليفه كثيرة، الحاجة الثانية والأخطر منها: أن الإسلام حرم الخمر، واليابانيون يعشقون الخمر.
قال لهم: إذًا المشكلة مش في اليابانيين، المشكلة فيكم أنتم.
قالوا له: ليه؟
هو الخمر مش حرام في الإسلام ؟ قال لهم: الخمر حرام طبعًا في الإسلام، لكن الإسلام تدرج في تحريمها، الصحابة كانوا يعشقونها، سموها بـ 100 اسم وكتبوا فيها القصائد، لهذا الإسلام تلطف معهم. ثم قال لهم: “لأن يدخل اليابانيون النار لأجل الخمر خير له من أن يدخل لاجل الكفر، استنقذوهم يا أخي الأول من الكفر وبعدين موضوع الخمر ياتي بالتدريج”.
النقطة الأخرى اللي تنبني على ما قررناه الآن هو معيار قياس التدين وأولويات الإصلاح الديني في المجتمعات.
لو عندي الجماعة المسلمة الموجودة في كندا، تعدادها في هذه المدينة 10,000، بدأت أرصد وأعرف واقعها. 10% منها يصلون، 5% منها يزكون، 3% منها يصومون، انتشار المحرمات الفلانية في أوساط الشباب.
عايز أصلح كيف؟ أصلح بناء على المأمورات اللي هي في المقدمة، والمنهيات في المؤخرة.
أنا كمؤسسة إسلامية عايز أقيس كيف تقدمت؟
ما معيار تقدمي؟
نسبة المصلين ارتفعت؟
كانت العام الفائت كذا وهذا العام ارتفعت إلى كذا.
يبقى المأمورات معيار قياس التدين لما أنظر فيه، مش لما واحد ينزل يقول لك: الحمد لله، الخمارات فيها كذا، والمساجد كيف وضعها؟
عينه دائمًا على المحرمات.
طيب والمأمورات كيف وضعها؟ لا والله ضائعة.
يبقى المحرمات أنت قريب جدًا منها، سهل جدًا أن تسقط فيها في أي وقت.
المؤسسات الإسلامية التي تمثل المسلمين، عندما تطالب الحكومات بمطالب للمسلمين، ماهي المطالب؟ نريد مدافن ؟ ولحم حلال.
حصلت مشكلة كبيرة في دولة أوروبية، وبعدين قُتل شخص على يد الشرطة بطريقة الخطأ ، فأرادوا أن يهدأوا المسلمين، اجتمعوا مع القيادات والأئمة، قالوا لهم ماذا تحتاجون؟
قالوا: مغسلة تكفي لتغسيل الأموات، ومدافن حلال!!!
قلت هذا الكلام على سبيل الانتقاد والاستنكار في محاضرة من المحاضرات، واحد قال لي: طيب أنت زعلان؟ اللي قدموا الآخرة على الأولى يا مولانا، هذا هو الكلام الصحيح.
المجالس الإسلامية والمؤسسات التي تمثل المسلمين ما طرحت أبدًا على الجهات: يا جماعة في حاجة عندنا اسمها صلاة الجمعة، صلاة الجمعة فريضة في الإسلام ومسألة مهمة، ليه ما تسمحوا بالقوانين في أثناء العمل المسلم يسمح له وقت معين يخرج لأداء الصلاة؟
الطلاب في المدارس، يحتاجون قاعة صغيرة بما لا يتعارض مع الدراسة ليكون للطالب الحق في أداء عبادته وممارستها.
لما أرى الصحيفة الأولى في أكبر جريدة، ثاني أهم جريدة في العالم، وأول جريدة في ألمانيا، الصفحة الأساسية فيها: “أخيرًا يسمح للمسلمين بالكسب الذي حلموا به طويلًا”، وهو الإمام واقف أمام الصندوق، صندوق التابوت بتاع الدفن، وسيسمح لهم بالدفن بدون صندوق وبدون تابوت بعد معارك قضائية طويلة.
ولما أرجع لأقوال الفقهاء الدفن الإسلامي وفق الأئمة الأربعة بالصندوق الدفن الإسلامي على رأي الأئمة الأربعة قالوا: إذا كانت التربة ندية يسيل منها الماء، فما بالكم بالثلج طول الوقت، يبقى يدفن بالصندوق، فليس هذا اجتهاد جديد .
عملناها معركة قضائية وادفع عليها فلوس، الحمد لله .
أكتفي بهذا القدر وجزاكم الله خيرا.